منتخبنا يتحدى

192 مشاهدة

بات يمتاز الشارع الرياضي بالبلاد بخاصية متفردة ويحتويه دائماً الإيمان، الذي تحول إلى شعار ناطق لا يوجد مستحيل أمام الإصرار، وذلك بعد ان أثبت منتخبنا الوطني تحت العشرين لكرة القدم صدق ما نؤمن به وأكد لنا اننا نستطيع بالبرهان التقدم والإزدهار، من خلال مشوار التصفيات المؤهلة للأمم الافريقية مصر في بطولة سيكافا التي إستضافها العاصمة السودانية الخرطوم في العام الماضي.

تلك كانت رحلة تكسير القيود التي كان يتوقع فيها المتشائمين من الشارع الرياضي مجرد المشاركة، ما جعلهم يأمنون سلباً على فرص المنتخب بعدما تعود الشارع، في سنوات مضت، على وضع فرق دول بعينها بالمقدمة، واعتبرت منتخبنا، للأسف من مستلزمات إكتمال الصورة و التي لا يمكن أن يرتفع سقف طموحاتها أكثر مما هو مسموح به (كالمشاركة )، فكان العكس هو حين تحدى هذا المنتخب الجميع وحجز لنفسه مكاناً في بطولة كأس الأمم الافريقية للمنتخبات تحت العشرين التي ستنطلق هذا الشهر 19 من فبراير لسنة 2023 بمصر كمشاركة أولى تاريخية لجنوب السودان .

الشباب قد كسروا تلك التابوهات المتشائمة وخرجوا عن سياق الآمال المحدودة وتزودوا بالثقة الناتجة عن المستوى المرتفع من العزيمة واللياقة والمهارة بعد جهد كبير وإصرار عظيم، لم يُدخرو فيه أي جهد، ليقف حين، واليوم لاعبي منتخب جنوب السودان نداً متكافئاً وربما متفوقاً مستقبلا على منتخبات سيكافا التي عصت عليهم هزيمتنا على مدار البطولة التي تأهلنا عبر بوابتها إلى مصر العربية .

هذا المنتخب الطموح يضع خطاً واضحاً شأنه أن يجمعنا على قلب رجل واحد وتحت مظلة هدفاً واحداً، وهذا ما لم تستطع السياسات و الدبلوماسيات تحقيقه وحققته اللعبة الجماهيرية الأولى بالعالم وأكدت على وجوده بالأعماق وخروجه بغزارة وتلقائية عندما يستلزم الأمر ذلك، فشاهدنا خلال تلك التصفيات الإقليمية التي كسرت وخرجت على كافة التوقعات، إصطفاف الجمهور الجنوب سوداني بالعاصمة الخرطوم عن بكرة أبيها باستاد الهلال وملعب كوبر كما الحال أمام شاشات التلفزيون بكافة أنواعها وفي مختلف بيوتاتنا والمقاهي والأماكن العامة والخاصة لتشجيع المنتخب الوحيد الذي تحدى الكبار كما يصنفونهم ووقف شامخاً عن جدارة وإستحقاق ليهزم أساطير الكرة باتحادات سيكافا وأكبر وأهم منتخباتها بعد هذا التأهل التاريخي الذي نمني النفس في أن يتواصل.

الوصول إلى المربع الذهبي والمباراة النهائية في سابقة لم تكن حتى بالحسبان، هي مسيرة وضعت حتمية ان مع كل فوزٍ لمقاتلي النجوم الساطعة، ترتفع حدود الأمنيات وتزداد التطلعات وتعمق الثقة لدى كل لاعب ومشجع لكرة القدم بالبلاد، ثقةً وإصراراً بالمنتخب على المضي بها بعد ان وجد نفسه بالإرث القديم، دائماً وأبداً، تحت طائلة عدد من الخطوط الحمراء التي حُرم عليه إجتيازها، ليتحرر من أغلال افتراضية قد وضعها حول عنقه سياسات عفى عليها الزمن قديماً قبل أن يمتد الآخرين، فإستهان البعض بقدرات المنتخب وحدد سقف طموحاته بكافة المنافسات.

اليوم نحن أكثر حاجةً للإصطفاف، خصوصاً بعد أن جاءت مفاجأة تصفيات سيكافا المدوية لتغرس بالأنفس نوعاً آخر من الثقة المستحقة وتحطم هذا السقف الإفتراضي و تحرر الوطن بشكل عام، ليس فقط لاعبي أو مشجعي كرة القدم، من الشعور الدائم بفرضية الإنتماء للصفوف الخلفية، و عدم القدرة على تصدر الصفوف الأولى التي تعودنا ان تحجز مقاعدها بالكامل لمنتخبات دول أخرى وليس نحن وهذا ما نرفضه بالعمل والإصرار.

بطولة كأس الأمم الأفريقية بمصر فرصة للدعوة والإجابة عن سؤال: هل لنا أن نحلم بإصطفاف الكل هذه المرة على كافة المستويات كما حدث بالعاصمة الخرطوم بفضل منتخب كرة القدم الذي حمل طموحات وتطلعات و أمنيات أمة بأسرها، كانت كلمتها غائبة ؟

لما لا نتطلع إلى اتحاد شامل بين الجمهور والمنتخب وإتحاد الكرة، الإتحاد الذي يجمع بين الكل لأجل الوطن؛ الغني منا بجانب الفقير، القوي منا بجانب الضعيف، ليشكل قوة كروية وإقتصادية و جغرافية كبرى: إقليمية وعالمية، تتحسب لها المنتخبات الأخرى؟

اعتقد هذه البطولة فرصة لا تعوض للإصطفاف خلف علم جنوب السودان من قبل الكل؛ رجال السياسة والأعمال والصحافة والجمهور .

– ختاماً

شكراً من القلب لهولاء الأبطال من لاعبي المنتخب الوطني تحت سن ىالعشرين لكرة القدم الذين قهروا المستحيل وواصلو في التجهيزات الأولية رغم ضعف الإمكانيات المادية لدى الإتحاد واستحقوا التواجد ببطولة الأمم الافريقية ونرجو ان يحالفهم الحظ في هذه البطولة.

والشكر موصول للجمهور الرياضي الجنوبسوداني، فشكري يبقى دائماً للأمل الذي بعثتموه لنفوس اللاعبين وللفكرة التي ستظل تراود خيالنا وتقوي من عزمنا الوطني، استعداداً لهذه المسابقة سيكون العمل الجماهيري منبع وسنداً لا غنى عنه – فهذا المنتخب بات يحلم و يتحدى كل الصعاب في وجود الدعم المعنوي للجمهور ولم لا، فالأمل بات للذهاب بعيداً في وجود الإسناد الجماهيري لحلم بلد كامل ولفخرنا الوطني .

اترك رد

انتقل إلى أعلى
%d مدونون معجبون بهذه: