المناسبة مناسبة تحديد مصير، وإن شئت قل عنها مناسبة كسر العظام، بين منتخب مدعوم بالجمهورها وكل مقومات النجاح، وبين آخر لا يزال ينشد ضمير دعم جمهوره الذين مات فيهم شعور التفاؤل والمساندة.
كلما حاولنا تبرئة ساحتهم، عادوا ليرتكبوا ما هو أفدح خطورةً من الخطأ في حق المنتخب.
طبعاً ليسوا كلهم.
منتخبنا الوطني، بالأمس، لم ينازل خصماً واحداً، لم ينازل المنتخب الكنغولي، ولا جمهوره، بقدر ما نازل مع هؤلاء خصماً اسمه (فئات من جمهورنا المتشائم)، ونداً آخر اسمه تجاهل الدولة لمنتخبنا الوطني .
في الكنغو تكالبت كل الظروف على منتخبنا الوطني منتخب أوغسطينو مدوت، كما تفكر تلك الفئات، وبرغم كل هذه الظروف التي مر بها المنتخب، وظرف الجمهور، والأرض، والإصابات، والنقص، كسب وعاد بالنقاط مرفوع الهامة، من حارسه مجاك إلى ذلك البطل الذي قدم مهر نجوميته بهدف لا يسجله إلا عظماء كرة القدم.
هذا هو المنتخب الجنوبي اخوتي في الله والوطن، وتلك هي لغة التصحيح النابعة من نهج قيادتنا الرياضية التي ثابرت، ليل ونهار، حتى غادر المنتخب و نال من هذه المثابرة نتيجة ومستوى ومدرباً ولاعبين.
بين يوم وليلة، وعتمة ظلام ونور، النجوم الساطعة عادت، عادت روح منتخب جنوب السودان، والأجمل أن عودتها جاءت من برازافيل الكنغولية، ومن أمام أكثر من خمسين ألف مشجع حاولوا مع لاعبيهم.
لكنهم، بعد هذه المحاولات، عادوا إلى منازلهم بخطوات أثقلتها الهزيمة.
سجل حبيب الشعب حبيبو، وأبدع جوزيف معليش، وتألق أوكيلو، بل إن كوزين وفي مثل تلك الوضعيةالصعبة، أثبت أنه مدرب كبير، فالرجل تعرض لأبشع أنواع النقد من قبل البعض، وما قدمه هذا الإيطالي، من فكر وأسلوب وتوليفة، ليس إلا دليل وشاهد على أنه مدرسة في فلسفة التدريب.
مبروك لمنتخبنا الوطني، مبروك للاعبين، مبروك كوزين، فما حدث في الكونغو يستحق أن نوليه الإهتمام والإشادة، ليس لأن المنتخب الجنوبي فاز، وإنما لأن المنتخب الجنوبي هزم خصمه، وهزم كل الظروف التي مرت عليه، وأحرج كثيراً بعض الإخوة .
بالأمس القريب، وبالتحديد قبل أسبوع من المباراة، تحدثت وقلت بأن المهمة ليست صعبة، فبالروح سنكسب، وبالحماس سننتصر، ولأن الروح حضرت مع الحماس، واستشعر اللاعبون مسؤولياتهم تجاه شعار الوطن الغالي وقيادته الرشيدة.
ها هي النتيجة جاءت لتجدد الفرصة بالتأهل، وتؤكد للمتشائمين المحبطين وأصحاب الأفق الضيق أن الرياضة في عهد أوغسطينو مكانها عالٍ، لتسمو ولن تحبو والمقبل بفكر هذا القيادي المحبوب، وبفكر نائبه الأنيق شارلس، ومهندس كل العمليات فيكتور لورنس، والشاب المهذب جداً الذي يعمل في صمت مايكل دانيال مرجان، ومعهم ذلك الصبور الرجل الخفي سبت دوك، سيكون مبشراً بالمزيد من النجاحات بإذن لله.
شول بيتر ، كم أنت مبدع
أوكيلو إذا ما استمر على هذا المنوال التصاعدي في مستواه سريعاً سيلغي الكثير من نجوم خط الهجوم في المنتخب ويتربع بلحمه وشحمه على قائمة المهاجم الأول بلا منازع.
حبيبو نجم، ومكير قائد فذ، وبالمناسبة، نحن نريد من كوزين المزيد حتى يكسب المنتخب مباراتنا القادمة ويرد بالفعل والعمل على كل منتقديه.
ختاماً
كسب منتخبنا، مثلما هي تلك المتغيرات التي جعلت من جميع اللاعبين روحاً، وقادة، وحماساً، ورغبة كبيرة في انتزاع أول فوز من بين أنياب الظروف الصعبة.
في الشارع وعلى صفحات التواصل الإجتماعي ومن خلال مجالس الجمهور، الكل ابتهج والكل أثنى والجميع امتدح، وما أجمل كل هذه المفردات عندما نكتبها، أو نصرح بها، أو نجعلها من عناوين المنتخب الجنوبي هذا المنتخب الذي أصبحنا تحت معانيه ننشد أمل التأهل.
هذه هي البداية وما بعد البداية الفعلية مع الكونغو يجب، ومن اليوم، أن نطوي ما فات ونرميه وراء ظهورنا، لنبحث، فقط، في كيف نكسبهم في دار السلام بعد أقل من أربعة أيام، أو على الأقل في كيف نتعادل ونكسب النقطة على أقل تقدير وتصبح نقاطنا أربعة فهناك مباريات متبقية في أرضنا.
ألف مليون مبروك يا وطن.
ألف ألف مليون مبروكات للاعبين، وجهازهم الفني والإداري المتواجدين هناك.
ألف ألف مليون مبروك لنا أول تلاتة نقاط.
ألف مبروك لقادة الإتحاد العام بهذا الفوز الذي أتى من رحم المعاناة.
ألف مبروك لهذا الشعب الصابر.
ألف مبروك لكل شخص فرح بهذا الإنتصار.