مغامرة المريخ في النسخة الحادية عشر من بطولة كأس جنوب السودان العام لا تزال مستمرة ولا يبدو بأنها ستتوقف قبل التتويج باللقب بعد المستويات القوية والمميزة والمبهرة للغاية التي ظهر بها الفريق في البطولة ووصوله إلى الدور نصف النهائي.
صحيح أن الفريق لا يزال لم يتعرف على خصمه بعد في الدور نصف النهائي من البطولة وينتظر القرعة التي ستجرى، اليوم، بمكاتب الإتحاد العام، من أجل التعرف على المواجهات، إلا أن المريخ لا يبدو بأنه يخاف مواجهة أي فريق من الأندية الثلاث الأخرى التي وصلت معه إلى هذا الدور.
كل الطرق تقود للتتويج باللقب
هذا ما يبدو عليه الوضع حالياً بالنظر إلى المعطيات الراهنة، فالفريق ظهر بشكلٍ قوي ومميز للبطولة وهو شيء لا يعتبر مفاجئاً بالنسبة إلى الأشخاص الذين شاهدوا الشكل الذي ظهر به منذ تغلبه على كتور وتتويجه بلقب بطولة كأس جنوب السودان المحلي في جوبا.
الواقع أن كل الطرق تقود المريخ للتتويج بلقب النسخة الحادية عشر من بطولة كأس جنوب السودان العام إذا ما أخذنا في الإعتبار الفوارق الكبيرة للغاية بينه وبين بقية الخصوم، خصوصاً أنه كان أحد أكثر الفرق إقناعاً على صعيد الأداء والنتائج وظهر على انه المرشح الأوفر حظاً والأفضل للتتويج بلقب هذه البطولة وفعل كل شيء من أجل ذلك.
النتائج والمستويات التي ظهر بها الفريق في البطولة والشكل العام له يقود إلى إعتباره واحداً من الأندية المرشحة بقوة والأقرب حقاً للتتويج باللقب بفارق كبير للغاية عن بقية الفرق المنافسة على التتويج باللقب.
تتويج فريق آخر بلقب هذه البطولة في ظل المستويات والنتائج التي ظهر بها المريخ في البطولة سيكون مفاجئة كبيرة للغاية.
الذي يستحقون الفخر به
النتائج والمستويات القوية والمميزة التي ظهر بها الفريق مؤخراً تدعو بلا شك للفخر بالنسبة إلى قطاع كبير من الجماهير، الإدارة، الأقطاب، اللاعبين، والجهاز الفني بسبب التماسك الذي بدا عليه.
نتحدث عن واحد من أكثر الأندية إقناعاً وإمتاعاً وجذباً للإهتمام على مستوى الأداء والنتائج في البلاد حالياً، فريق لا يكتفي بالخروج من كل مباراة يلعبها بالنقاط الثلاث فقط، بل يحرص بشكلٍ كبير على الظهور بشكلٍ قوي ومميز ومبهر ورائع وإمتاع جماهيره من خلال تقديم أداء مذهل ورائع.
الفريق ظل متمسكاً بتلك المقاربة الصعبة التي فشلت العديد من الأندية في تحقيقها، إذ ظل المريخ حريصاً على تحقيق النتائج المميزة مصحوبة بأداء سلس ورائع ومميز يرضي به الجماهير وقاعدته وهو شيء ظل بمثابة الثابت الوحيد في جميع المباريات التي لعبها الفريق في جميع المباريات والبطولات منذ تتويجه بلقب بطولة كأس جنوب السودان العام المحلي.
مختلف
يبدو هذا شيئاً مؤكداً لا يمكن الجدال حوله، فالفريق بدا مختلفاً تماماً عن الشكل الذي إعتاده الكثيرون عنه والذي ظهر به في بداية الموسم، فبعدما عانى وكافح كثيراً من أجل الإرتقاء إلى مستوى التوقعات والتطلعات في بداية الموسم وتحقيق الإنتصارات وتقديم أداء قوي ومقنع، فإنه قد تحول إلى النقيض تماماً بعد تتويجه بلقب بطولة كأس جنوب السودان المحلي في جوبا.
هذا يمكن تعضيده من خلال النظر إلى نتائج ووضعية الفريق في دوري الدرجة الأولى المحلي في جوبا قبل وبعد التتويج بلقب الكأس، فالفارق يعتبر كبيراً للغاية لدرجة انه يصعب التعرف حقاً على الأشياء التي تغيرت فيه في غضون فترة وجيزة وجعلته يتحول إلى النقيض تماماً لما كان عليه في بداية الموسم.
لتدرك ذلك، فإنه يكفي الإشارة إلى أنه كان قد إكتفى بتحقيق الفوز في مباراة واحدة فقط وتعادل في أربعة وكان يتواجد في المركز الحادي عشر في جدول الترتيب بعد مرور خمس جولات على إنطلاقة البطولة وكان ينظر إليه الكثيرون على انه سينافس على الهروب من مناطق الخطر وتفادي الهبوط إلى دوري الدرجة الثانية في نهاية الموسم، بينما يتواجد حالياً في المركز الخامس في الترتيب وينظر إليه الكثيرون على انه منافس جاد على التتويج بلقب بطولة كونجو كونجو ليغ!
حجم التحول الكبير والإختلاف في المريخ حالياً مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل تتويجه بلقب الكأس يبدو ماثلاً في حقيقة انه قد عاد بعدها ليظهر بشكلٍ مختلف، عاد إلى مساره الصحيح وطريق الإنتصارات، أوقف نزيف النقاط المستمر، ظهر على انه خصم شرس وعنيد، وإزدادت رغبة لاعبيه في تعويض ما فاتهم وإعادة الفريق إلى موقعه الطبيعي والريادي وكمنافس على التتويج باللقب.
ذلك يمكن تأكيده من خلال الإشارة إلى أنه قد إنطلق بقوة بعد تتويجه بالكأس ونجح في ستة إنتصارات وتعادل في مباراة وخسر في مثلها ليشق بذلك طريقه في جدول الترتيب ويصل إلى المركز الخامس!
بالنسبة إلى الكثيرون، ربما، يصعب عليهم حقاً إستيعاب وتفسير الأسباب التي أدت إلى هذا التحول الكبير في شكل ونتائج المريخ.
لكن، هذا الأمر يمكن معرفته بسهولة من خلال العودة إلى تصريحات الكثيرون في الفريق بدايةً من الإدارة، الجهاز الفني، اللاعبين، والجماهير في الفترة الماضية والتي إتفقوا فيها على الإشارة إلى أن إنشغالهم وتركيزهم على بطولة كأس جنوب السودان المحلي في جوبا ورغبتهم وجديتهم الكبيرة في التتويج بلقبها كان السبب في الظهور بشكلٍ باهت ومتواضع ومخيب للآمال في بداية الموسم.
هذا الأمر أشار إليه كلٍ من بوسكو، خميس ليون، أوموت سبت، تونق مايكل، نوح جون، نوح جلبيرت، وغيرهم.
لم يكن ما يشغل بال الجميع في النادي سوى تركيزهم على الإنتهاء من مشاركتهم في بطولة كأس جنوب السودان المحلي بالتتويج باللقب ومن ثم التفرغ والتركيز على كل شيء آخر في وقته بسبب انه يمكن التعويض وهو ما يحدث حالياً بالنظر إلى المعطيات الماثلة أمامنا.
العمق المطلوب
لكن، ما هو أهم من كل ذلك ويعتبر كلمة السر في تلك العودة القوية والنتائج والمستويات القوية والمميزة التي ظهر بها الفريق في جميع البطولات منذ تتويجه بلقب الكأس هو إمتلاكه العمق اللازم والمطلوب بالنسبة إلى فريق كبير يرغب في المنافسة على التتويج بجميع البطولات التي يشارك فيها بشكلٍ جاد وقوي ولا يترك أي مجال للصدفة.
المريخ يمتلك مجموعة مميزة للغاية من اللاعبين في جميع المراكز ويتوفر لديه العناصر القادرة على تقديم الإضافة اللازمة والمطلوبة منه وتحقيق الإنجاز من خلال قيادته لتحقيق الإنتصارات والإستمرار في مساره الصحيح وقيادته للتتويج بالبطولات.
خميس ليون، قائد فريق المريخ، كان قد رفض القبول بالتصنيفات التي تتحدث عن وجود لاعبين أساسيين وبدلاء في الفريق، لافتاً إلى أن أي لاعب يدفع به المدرب يستطيع تمثيل الفريق بأفضل طريقة ممكنة.
وأوضح بأنهم جميعاً يلعبون من أجل الفريق ولا يوجد فريق أول أو ثاني في الفريق.
هذا الأمر يمكن تعضيده من خلال العودة إلى التشكيلة التي دفع بها مورو بوسكو، المدير الفني لفريق المريخ، في جميع المباريات منذ بداية الموسم والتأكد من حجم التنوع والقوة والمرونة والعمق الكبير الذي يمتلكه الفريق في تشكيلته، إذ يمكن بسهولة رؤية ذلك والتأكد منه.
حسناً، بطولة كأس جنوب السودان العام كانت بمثابة دليل آخر كبير على مدى قوة الفريق وإمتلاكه العمق اللازم والمطلوب بالنسبة إلى فريق كبير ينافس على التتويج بجميع البطولات التي يشارك فيها وحاجته إلى عدد كبير من العناصر القادرة على تحمل عبء ومسؤولية قيادته لتحقيق الإنتصارات، الذهاب بعيداً في سباق المنافسة على التتويج بجميع البطولات، إمتلاك الرغبة والحافز من أجل اللعب وتقديم شيء للفريق، والقدرة على ملء الفراغ الذي قد يخلفه أي لاعب في أي وقت!
الواقع أن الفريق لم يتوقف عن تحقيق الإنتصارات وتقديم مستويات قوية ومميزة وتحقيق إنتصارات كبيرة حتى عندما كان مدربه يقوم باللجوء إلى سياسة التدوير من أجل منح الفرصة للأساسيين للإسترخاء، إلتقاط أنفاسهم، إستعادة جاهزيتهم البدنية والذهنية، حمايتهم من الإرهاق، وإتاحة الفرصة للبدلاء من أجل إظهار كامل قدراتهم وإمكانياتهم وإثبات قدرتهم في تقديم الإضافة اللازمة والمطلوبة منهم ومساعدة الفريق على تحقيق الإنتصارات.
ذلك أثبته وأظهره الفريق مجدداً في بطولة كأس جنوب السودان العام، إذ يعتبر أكثر فريق حصل معظم لاعبيه على فرصة المشاركة لدرجة انه يصعب حقاً إحصاء عدد اللاعبين الذين حصلوا على الفرصة وسيكون من السهل إحتساب عدد الذين لم يشاركوا في البطولة حتى الآن.
بإستثناء حسن لوموري، سرفينو نيكسون، جيمس بيج، والحراس الثلاث، فإن بقية اللاعبين في كشف الفريق قد حصلوا على فرصة المشاركة في البطولة، بينما لم يشارك أحد في جميع الدقائق سوى الثلاثي أوموت سبت، أوريجي مايكل، وأودي ستيفن في وقتٍ شارك فيه بقية اللاعبين في تقاسم دقائق اللعب بنسب متفاوتة!
الحقيقة ان جميع اللاعبين كانوا مستعدين دائماً على إنتهاز كل الفرص التي تتاح لهم من أجل اللعب أساسياً والحرص على إظهار كامل قدراتهم وإمكانياتهم والمنافسة على حجز مقعد دائم في التشكيلة الأساسية وهو شيء دفع جميع اللاعبين للحرص على الظهور بأفضل مستوياتهم.
هذا الأمر يجعل من المريخ يأتي في قائمة الفرق المرشحة للتتويج بلقب بطولة كأس جنوب السودان بسبب إمتلاكه الخيارات اللازمة والمطلوبة وتوفر العمق الكافي والمطلوب من أجل تعويض وملء الفراغ الذي قد يخلفه غياب أي لاعب بداعي الإصابة أو الإيقاف أو لأي سبب آخر.
مرعب
المريخ ظهر على انه فريق شرس وعنيد وصعب حقاً وينبغي على جميع الفرق أن تخشاه وتخاف من مواجهته وأن تأخذ كامل الحذر حينما يحين موعد مواجهته.
هذا الأمر أظهره وأثبته الفريق في جميع البطولات التي يشارك فيها هذا الموسم من خلال ظهوره بشكلٍ قوي ومقنع ومميز ورائع للغاية ونجاحه في الجمع بين الأداء والنتائج وهي المقاربة التي فشلت العديد من الفرق في حلها والنجاح فيها.
الفريق إعتاد على دخول كل مباراة وهو مرشح فوق العادة لتحقيق الفوز مصحوباً بالأداء الرائع والجميل وهو شيء شاهده الجميع في معظم مبارياته هذا الموسم، إذ تعتبر نتائجه في كونجو كونجو ليغ وكأس جنوب السودان العام خير دليل على ذلك.
الفريق ظهر شرس وقوي دفاعياً وهجومياً هذا الموسم، وهو شيء تظهره الأرقام، إذ سجل خط هجومه 16 هدفاً وإستقبلت شباكه هدفاً وحيداً فقط في خمس مباريات في بطولة كأس جنوب السودان العام وهو ما يجعله صاحب أقوى خط هجوم ودفاع في البطولة عامةً.
أكثر من هذا أن الفريق ينافس لاعبيه بجدية على التتويج بجميع الجوائز الفردية في البطولة بدايةً من أفضل حارس مرمى، لاعب، وهداف وهو شيء يبدو واضحاً من المستويات القوية والمميزة والمبهرة التي ظهر بها لاعبيه في البطولة حتى الآن.
بوسكو
مورو بوسكو كان قد تعاقد معه المريخ من أجل تولي منصب المدرب العام أو المدرب المساعد لليوغندي ليو أدرا الذي يعتبر المدير الفني للمريخ، إلا أن بوسكو يعتبر العقل المدبر حالياً لكل تلك النجاحات والمدرب الحقيقي للفريق في ظل غياب أدرا.
الواقع أن بوسكو قد نجح في صناعة الفارق وقيادة الفريق للظهور بشكلٍ قوي ومميز للغاية على كافة الأصعدة، خصوصاً فيما يتعلق بطريقة إدارته للفريق والمباريات والعناصر الموجودة تحت تصرفه من اللاعبين.
النجم الأوحد
هذا يعتبر واحداً من أكثر الأسباب التي تجعل المريخ مرشحاً للتأهل إلى النهائي والتتويج باللقب أكثر من أي فريقٍ آخر في البطولة، إذ يصعب حقاً الإشارة إلى لاعبٍ بعينه أو اسم محدد على انه النجم الأوحد والأكثر أهميةً والأفضل من بقية اللاعبين في صفوف الفريق.
الفترة التي أعقبت تتويج الفريق بلقب الكأس كانت شاهدة على تألق العديد من اللاعبين الذين حصلوا على الفرصة من أجل إظهار كامل قدراتهم وإمكانياتهم وإقناع المدرب بالإستمرار في الإعتماد عليهم بصورة أساسية أو الدفع بهم حينما يحتاج إليهم وهو شيء جاءت بطولة كأس جنوب السودان العام لتؤكده وتثبته.
صحيح أن نسبة الأهمية تتفاوت بين لاعب وآخر في كل الخطوط، إلا انه لم يظهر أي لاعب آخر حالياً في صفوف الفريق على أنه النجم الأوحد واللاعب الذي ينتظر منه تحمل العبء والمسؤولية الأكبر فيما يتعلق بقيادة الفريق لتحقيق الإنتصارات والصعود إلى منصات التتويج.
هذا الدور كان اللاعبين يقومون بتبادله بين مباراةً وأخرى وهو ما بدا ماثلاً في رؤية العديد من اللاعبين يتألقون طوال الفترة الماضية بدايةً بإيمانويل شول، أوريحي، أودي، نيكسون، أوموت، أتاري، سواريز، توماس، خميس ليون، مناسي، وغيرهم.
جميع هؤلاء اللاعبين حصلوا على الثناء وأكثر في فترات متفاوتة من الموسم وكانوا يتقاسمون النجومية والأضواء مباراةً بعد الآخرى وهو شيء إستفاد منه الفريق بشكلٍ كبير بسبب الجماعية التي يلعب بها وحصول كل لاعب على فرصته من أجل التألق وخطف الأضواء والثناء.
هذا الأمر تزداد أهميته بسبب ان الفريق لن يعاني كثيراً عند غياب أي لاعب لأي سبب ما في ظل إمتلاكه العمق الكافي والمطلوب وعدم إعتماده على لاعب بعينه من أجل صناعة الفارق وقيادته لتحقيق الإنتصارات وهو شيء تسبب في معاناة الكثير من الفرق في البطولة التي تعتمد على مجموعة معينة للغاية من اللاعبين في هذه المهمة في حالة غيابهم وهو شيء إختبرناه مع المريخ بانتيو، نايل إيغل نمولي، وغيرهم.
البطل المرتقب
بالطبع، كل هذا لا يعني بأنه يمكن الجزم بشكلٍ قاطع ونهائي بأن تتويج المريخ بلقب النسخة الحادية عشر من بطولة كأس جنوب السودان العام يعتبر محسوماً لصالحه وسيكون طريقه للصعود إلى منصات التتويج باللقب سيكون سالكاً ومفروشاً بالورود، فالفريق سيضطر لمواجهة العديد من الصعوبات والتحديات وإيجاد طريقةً للتغلب عليها.
لكن، ما يبدو واضحاً للغاية بأنه يعتبر الطرف الأقوى والأفضل ومرشح فوق العادة للتتويج باللقب بنسبة أكبر من بقية الفرق التي تأهلت إلى الدور نصف النهائي من البطولة عند النظر إلى الفارق بينه وبينها حالياً.