منتخب جنوب السودان تحت 20 عام سيبدأ مشواره في بطولة كأس الأمم الأفريقية لعام 2023 في مصر، اليوم، بمواجهة الكنغو في وقتٍ سيتطلع فيه الكثيرون لرؤية ما سيقدمه المنتخب وإلى أي مدى سيكون قادراً على الذهاب في البطولة والإستمرار في كتابة التاريخ والنجاح.
بالطبع، المهمة تعتبر صعبة ولا تخلو من الكثير من التحديات والتعقيدات، إلا أن هناك الكثير من الأسباب التي تدعو للتفاؤل بقدرة المنتخب على النجاح في هذه البطولة.
زخم سيكافا
كان لافتاً للغاية حجم النجاح الكبير الذي حققته النجوم الساطعة في بطولة شرق ووسط افريقيا تحت 20 عام الماضية التي إستضافها السودان والتي كتب فيها المنتخب التاريخ بعدما حل وصيفاً لمنتخب يوغندا الذي توج بطلاً للمسابقة بعد فوزه على النجوم الساطعة في النهائي.
منتخبنا الوطني كان قد دخل البطولة في وقتٍ سيطرت فيه مشاعر الخوف والقلق وعدم الإطمئنان بسبب الصورة المتواضعة والمخيبة للآمال المرسومة في الأذهان والتي إعتادت منتخباتنا الوطنية على الظهور بها في جميع المسابقات القارية والإقليمية طوال السنوات القليلة الماضية ولم يكن متوقعاً له أن يحقق أي نجاح أو إنجاز في هذه البطولة.
لكن، ما حدث في نهاية المطاف أنه قد نجح في الظهور بمستويات لافتة وقوية ومميزة للغاية وشق طريقه في البطولة من الدور الأول إلى نصف النهائي ومن ثم النهائي في وقتٍ قدم فيه اللاعبين أفضل مستوياتهم على الإطلاق.
النتائج التي ظهر بها المنتخب في سيكافا تدعو بالتأكيد للتفاؤل والإطمئنان بقدرته على تكرار تلك النجاحات والمستويات القوية والمميزة التي ظهر بها في البطولة والظهور بشكلٍ أقوى وأفضل منها بكثير.
الواقع أن الجميع في المنتخب سيحتاج إلى إستغلال زخم سيكافا والبناء عليه من أجل الظهور بشكلٍ جيد في هذه البطولة والذهاب إلى أبعد مدى ممكن فيها.
ثورة التغيير
لم يكن متوقعاً بالنسبة إلى منتخب نجح في كتابة التاريخ وتحقيق إنجاز كبير يتمثل في إنهاء البطولة التي دخلها وهو مرشح للخروج من الدور الأول في الحلول وصيفاً فيها أن يشهد الكثير من التغييرات وعمليات الإحلال والإبدال بالقياس على تلك المعطيات.
لكن، ما حدث أن الإتحاد العام لكرة القدم قد قام بثورة تغيير كبيرة للغاية بدأت بإقالة كلٍ من شارلس جون «مورينيو» ودينق أبو كلام من منصب المدير الفني ومساعده على التوالي وإسناد المهمة إلى وجوه جديدة من خلال تعيين بيتر جيمس وموسى زكريا بدلاً لهما.
ثورة التغيير لم تتوقف عند هنا فقط، بل إمتدت لتشمل الكثير من التغييرات التي كان أهمها إستبعاد العديد من اللاعبين وإستدعاء آخرين بدلاً لهم وهي خطوات ينبغي أن تعطي الزخم اللازم والمطلوب وتقود المنتخب لظهور بأقوى وأفضل شكلٍ ممكن في هذه البطولة.
إقالة مورينيو وأبو كلام ينظر إليها الكثيرون على أنها خطوة ستصب في صالح المنتخب حتى مع الإنجاز الكبير الذي نجحا في تحقيقه بسبب الإنتقادات الكبيرة التي تعرض لها المنتخب تحت قيادتهما بسبب ظهوره بشكلٍ غير مقنع وعدم الإرتقاء إلى مستوى التوقعات والتطلعات.
لذا، فإن الكثيرون سيتطلعون لرؤية الإضافة اللازمة التي ستحدثها هذه التغييرات العديدة التي شهدها المنتخب تأهباً للمشاركة في بطولة كأس الأمم الأفريقية للاعبين الشباب.
بيتر جيمس
كان مثيراً للإهتمام حقاً الطريقة التي تم بها إستقبال خبر التعاقد مع بيتر جيمس وتعيينه مدرباً جديداً للنجوم الساطعة، إذ تم إستقباله بهدوء وترحاب كبير ودون الكثير من الإنتقادات على عكس ما كان متوقعاً بسبب الطريقة التي تم بها إقالة مورينيو.
ربما، لعب قرار إقالة الجهاز الفني القديم وتولي الجهاز الفني للمنتخب الوطني الأول للمهمة بشكلٍ مؤقت دوراً كبيراً في إمتصاص حدة الإنتقادات على عاتق الجهاز الفني الجديد بسبب أن كل الإنتقادات قد ذهبت لإنتقاد قرار إقالة الجهاز الفني القديم وتولي الجهاز الفني للمنتخب الوطني الأول للمهمة بشكلٍ مؤقت.
هذا الأمر لا بد من أنه قد لعب دوراً كبيراً للغاية في تولي الجهاز الفني الجديد للمهمة وسط هدوء وترقب وفي جو صحي تماماً وبدون الكثير من الإنتقادات وهو شيء ينبغي أن ينعكس على أداء وشكل المنتخب الوطني في البطولة بدايةً من مباراته أمام الكنغو اليوم.
ليس هناك الكثير من النقد الذي يمكن توجيهه إلى بيتر جيمس حالياً بسبب القدرات والإمكانيات الكبيرة التي يتمتع بها ونجاحه في إثبات نفسه وما يستطيع تقديمه لأي فريق يمكن أن يشرف عليه.
الإعداد
هذا يعتبر واحداً من الأسباب التي تدعو للتفاؤل أكثر بقدرة النجوم الساطعة على تحقيق النجاح في هذه البطولة والذهاب إلى أبعد مدى ممكن فيها، إذ بدأ الإعداد تأهباً للمشاركة في هذه البطولة مبكراً للغاية وإستمر لفترة طويلة للغاية وهو شيء ينبغي أن يلعب دوراً كبيراً في وصول الجميع في المنتخب إلى درجة كبيرة من التفاهم والإنسجام بين الجهاز الفني والإداري واللاعبين.
صحيح أن الإتحاد العام كان قد تعرض للكثير من الإنتقادات بسبب عدم تحديده مبكراً لموعد بداية إستعدادات المنتخب تأهباً للمشاركة في هذه البطولة وتأخر هذه العملية وتبرير قادة الإتحاد ذلك الأمر بسبب معاناتهم مالياً وعدم قدرتهم على بداية الإعداد دون أن يكون لديهم الميزانية الكافية لبداية الإعداد.
لكن، رغم كل ذلك، فإن المنتخب قد نجح في بداية إعداده لهذه البطولة في التوقيت المناسب تماماً وحصل جهازه الفني على كامل وقته من أجل إستدعاء اللاعبين وتجربتهم وإستبعاد الفائضين عن الحاجة والذين لا يتناسبون مع فلسفته وأفكاره وإختيار القائمة النهائية التي يريدها من أجل المشاركة بها في البطولة.
الحقيقة أن الوقت الطويل الذي حصل عليه المنتخب من أجل الإستعداد لهذه البطولة يعتبر مثالياً للغاية ويكفي من أجل الوصول إلى درجة عالية ومتقدمة من التفاهم والإنسجام بين الجميع في المنتخب ويدفعهم لتحقيق نجاح سيبقى خالداً في الأذهان.
فقط، يكفي الإشارة إلى أن إعداد المنتخب قد بدأ في ملعب بلك وإستمرر لأكثر من شهر وغادرت بعثته إلى القاهرة مبكراً من أجل التأقلم والإنسجام مع الأجواء في مصر.
خلال هذه الفترة، خاض المنتخب ثمانية مباريات ودية أمام أندية ومنتخبات متفاوتة وتتبع أفكار وفلسفة وأساليب لعب مختلفة ولا بد من أنه قد حقق فائدة كبيرة من هذه المواجهات.
هذه التجارب الودية تعتبر كافية للغاية بالنسبة إلى الجهاز الفني للمنتخب من أجل الوقوف على نقاط القوة والضعف والتوصل إلى درجة عالية من التفاهم والإنسجام بين الجميع في المنتخب ووضع الأفكار والخطط والأساليب التي تتناسب مع حجم التحدي.
كتابة التاريخ
المشاركة في هذه البطولة تعتبر بمثابة فرصة مثالية للغاية بالنسبة إلى الجميع في المنتخب من أجل الإستمرار في كتابة التاريخ وتحقيق نجاحات وإنجازات ستبقى خالدة في الأذهان لوقتٍ طويل.
الواقع أن كل شيء سيفعله المنتخب في هذه البطولة سيكتب في سجلات التاريخ بدايةً من اليوم، إذ كان المنتخب قد دخل التاريخ بالفعل بعد تأهله إلى هذه البطولة في وقتٍ سيكون فيه أول منتخب من منتخباتنا الوطنية المختلفة يشارك في إحدى البطولات القارية الكبرى.
فرصة مثالية مثل هذه من أجل الإستمرار في كتابة تاريخ جديد للمنتخب والبلاد لن تتاح بالنسبة إلى الكثيرون في المنتخب في المستقبل القريب، خصوصاً اللاعبين بإعتبار أن هذه البطولة تعتبر مخصصة لفئة سنية معينة وهو شيء ينبغي أن يدركوه جيداً ويدفعهم ويحفزهم من أجل تقديم أفضل ما لديهم في هذه البطولة والذهاب إلى أبعد مدى ممكن فيها.
لذا، فإن التحدي يبدأ اليوم من خلال الخروج من مواجهة الكنغو بنتيجة الإيجابية وإيجاد طريقةً لتخطي عقبة افريقيا الوسطى والفوز عليها في الجولة الثانية من دور المجموعات ومن ثم التأهب للمواجهة الأهم والأكبر في هذه البطولة أمام يوغندا.
مجموعة في المتناول
الثقة والتفاؤل والإيمان يبدو كبيراً للغاية لدى الكثيرون بخصوص قدرة المنتخب على التأهل إلى الدور الثاني من البطولة بالقياس إلى المجموعة التي وضعته فيها القرعة.
الحقيقة أن المنتخب كان محظوظاً للغاية بعدما أوقعته القرعة في مجموعة متوازنة وتعتبر في المتناول رفقة منتخبات الكنغو، افريقيا الوسطى، ويوغندا إذا ما أخذنا في الإعتبار حجم ومكانة بقية المنتخبات المشاركة في هذه البطولة ونظرنا إلى المنتخبات المتواجدة في المجموعتين الأولى والثالثة.
حسناً، من كان يتمنى التواجد في المجموعة الأولى التي تضم منتخبات قوية ومتمرسة وصعبة للغاية على غرار مصر، السنغال، نيجيريا أو حتى موزامبيق؟ لا أحد تقريباً.
من كان يتمنى التواجد في مجموعة صعبة مثل المجموعة الثالثة مثل منتخبات غامبيا، تونس، بنين أو حتى زامبيا؟ لا أحد على الأرجح بالقياس على الفوارق الكبيرة للغاية بين منتخبنا الوطني للشباب وبقية هذه المنتخبات المتواجدة في المجموعتين الأولى والثالثة.
ليس ذلك فحسب، بل أن المنتخب كان محظوظاً مجدداً فيما يتعلق بجدول مبارياته في هذه البطولة بسبب أنه سيبدأ بمواجهة الكنغو وافريقيا الوسطى ومن ثم يوغندا.
بالطبع، ذلك لا يعني بأن مهمة منتخبنا الوطني في التأهل إلى الدور الثاني من البطولة والذهاب إلى أبعد مدى ممكن فيها سيكون سهلاً وان طريقه سيكون مفروشاً بالورود، إلا أن المهمة تعتبر أقل تعقيداً وصعوبةً مقارنةً بما كان سيكون عليه الأمر إذا ما تواجد في مجموعة أخرى أو أوقعته القرعة مع منتخبات أخرى غير هذه.
التحدي الآن يتمثل في بداية البطولة بأقوى وأفضل طريقةً ممكنة من خلال الخروج بنتيجة إيجابية من مواجهة الكنغو ومن ثم الحصول على دفعة معنوية مهمة تساعد على البناء عليها وإستغلال الزخم من أجل إيجاد طريقةً لتخطي عقبة افريقيا الوسطى ومن ثم يوغندا.
«لن يسير لوحده أبداً»
مع مغادرة بعثة المنتخب الوطني إلى مصر مبكراً من أجل مواصلة المعسكر الإعدادي تأهباً للمشاركة في البطولة وخوض مباراتين وديتين أمام مصر وزامبيا على التوالي وفي ظل تواجد الكثير من الجنوبيين هناك، فإنه لا يبدو بأن المنتخب سيعاني كثيراً من أجل الظهور بأقوى وأفضل شكلٍ ممكن.
قادة الإتحاد العام سيكون عليهم إيجاد طريقةً من أجل إستقطاب الدعم الجماهيري والحرص على حصول المنتخب على الدعم والمؤازرة والتشجيع من قبل الجماهير والوقوف خلفه على غرار ما حدث في بطولة سيكافا الماضية في السودان.
الحصول على الدعم والتشجيع الجماهيري يعتبر شيئاً مهماً للغاية وسيلعب دوراً كبيراً في إعطاء اللاعبين الدفعة المعنوية واليدب في أنفسهم الحماس من أجل الدفاع عن المنتخب بأفضل صورة وممكنة ويدفعهم لتقديم أفضل مستوياتهم على الإطلاق.
هذا الأمر شاهدناه في بطولة سيكافا الماضية التي إستضافها السودان وكيف لعبت المساندة الجماهيرية والتشجيع الكبير دوراً في النجاح والإنجاز الكبير الذي حققه المنتخب وهو شيء نحتاج إلى الحرص على تكراره مجدداً إذا ما كنا نطمح في تحقيق أي نجاح في هذه البطولة من خلال الذهاب إلى أبعد مدى ممكن فيها وحجز إحدى بطاقات التأهل إلى بطولة كأس العالم للشباب.
الرهان الكبير
صحيح أنه كانت لمنتخباتنا الوطنية المختلفة بعض النجاحات على غرار النجاحات والإنجازات الكبيرة التي حققها المنتخب الأولمبي في السنوات القليلة الماضية وما حققه منتخب تحت 17 عام في بطولة سيكافا الماضية في إثيوبيا وتطلع الكثيرون لرؤية المنتخب الأول يواصل مغامرته الأفريقية.
لكن، ما يبدو واضحاً للغاية بالنسبة إلى الكثيرون ولا يمكن الجدال حوله أن منتخبنا الوطني للشباب يعتبر بمثابة الرهان الأول والكبير بالنسبة إلى الكثيرون من أجل الإستمرار في رفع اسم البلاد عالياً وتشريفها بالقياس على المعطيات الراهنة.
هذا ينظر إليه على أنه إنجاز يصعب رؤيته يتحقق قريباً في وقتٍ تبدو فيه الفرصة مواتية من أجل الإستمرار في رحلة التحدي من أجل كتابة التاريخ وتحقيق إنجاز جديد في هذه البطولة بالنظر إلى وضوح وسهولة مسار منتخب الشباب في هذه البطولة مقارنةً ببقية المنتخبات.
هذا يمكن تعضيده من خلال الإشارة إلى حجم الإعداد والإهتمام الكبير الذي يحظى به المنتخب حالياً، إذ لم يسبق وأن حظى منتخب بمثل هذا الإهتمام إطلاقاً في السنوات القليلة الماضية وهو ما يعني بأن الرهان عليه سيكون كبيراً للغاية من أجل تحقيق إنجاز يسجله التاريخ.
حتى وان حاول الإتحاد العام رفض هذه الفرضية بتفسيرات أخرى، إلا أن الواقع يشير إلى أن هذا المنتخب ومشاركته في هذه البطولة تعتبر بمثابة الرهان الكبير والحصان الرابح الذي ينتظر منه تحقيق النجاح في الفترة المقبلة.