وليم بيار نقور
لقد حقق إتحاد كرة السلة ببلادنا الحبيب جنوب السودان نجاحاً فائقاً وباهراً لأول مرة في تاريخ البلاد بنيل المرتبة الأولى على مستوى القارة الإفريقية والسادس والسبعون على مستوى العالم حسب التصنيف العالمي لكرة السلة.
ذلك النجاح بث البهجة في أنفس شعبنا بمختلف طبقاتهم (الغنية والمتوسطة والفقيرة)، لقد كان ذلك سبباً في إدخال الفرحة والسعادة في القلوب بدون تميز وجمعت أبنائها كبقعتها الجغرافية الخضراء والإكتفاء بمياه نيلها العذبة، لقد عبر ذلك الإنتصار العظيم عن مدى حب المواطنين لبلدنا الحبيب، ومدى تعطشهم لإنجاز شيء جميل كمثل ذلك الإنتصار العظيم والإستراحة من ذلك القهر بشتى أنواعه المرير!
لقد تحقق حلم السمو والعلو من خلال أبناء جلدتنا الذين تنازلوا عن مصالحهم التي في الخارج وأتوا بكل حب لخدمة الوطن وجلب الفرحة للشعب، لذلك لا يفوتني أن أحييهم تحية نضالية طيبة وخاصة لأخواننا في إتحاد كرة السلة بمكاناتهم المختلفة السامية على رأسهم قائد سفينتهم رئيس إتحاد كرة السلة السيد المحترم: لول دينق ومن معه على المجهود الجبار بجمع لاعبين محترفين على مستوى العالم للمشاركة في تصفيات أفريقيا المؤهلة للمشاركة في مسابقة كأس العالم.
الحقيقة التى يجب أن نتعلمها من ذلك الإنتصار هي في تجسيد التناسبية إنتصاراً، أي عندما يتجسد التناسبية سيكون هناك إنتصار، بمعنى آخر: عندما يكون الشخص المناسب في المكان المناسب ينتج إنتصاراً!
المغزى أو العبرة التي نستنتجها في ذلك الإنتصار الذي بات نبراساً لنا ولدولتنا يتمثل في هذا الثلاثي:
– الأولى: هي التناسبية: لم يكن إتحاد كرة السلة ليستطيع تحقيق ذلك الإنتصار ما لم يكن رئيسه مناسباً في منصبه، ووجود كادر كفء وصاحب المهنة ذاك الذي جعله يحقق ذلك الإنتصار العظيم الذي جعل الكل يفتخر به، و بهذا تحققت المقولة التي تقول :” أترك الخبز لخبازيه…”، فإذا فرضنا شخص ليست له علاقة بذلك المجال لما تحقق شيء من هذا النجاح، ليس لأن المشكلة في شخصية هذا الشخص لكنها في عقليته وقدراته في ملكاتيه العقلية التي لم تتناسب وتتناسخ مع ذلك المجال.
إذن التناسبية في المجال فرض واجب، شئنا ام أبينا، إذ نحتاج إليها لتحقيق نجاحات أكبر وأكثر في المستقبل القريب والبعيد.
– ثانيها: العزيمة و الإصرار: لقد كان إتحاد السلة وفريقها موجوداً منذ عقد إلا أننا لم نسمع بأي إنجاز يذكر سوى على المستوى القاري أو الإقليمي حتى، لكن في وجود العزيمة والإصرار تحقق الفوز العظيم، ويجب علينا وضع ذلك الفهم في طي النسيان للذين يريدون الحصاد دون ضنى، الذين يحلمون بإستلام دسم ذهب مختوم بدون المرور بمصافيها.
ليس هناك شيء مثل هذا أو ذاك، فالنجاح دوماً ملتصق بالعزيمة والإصرار، فلم يأتي ذلك النجاح بين ليلة وضحاها ، ولم يعرف العالم عن كرة السلة في جنوب السودان بدون العزيمة والإصرار، هل تعلم يا عزيزي/ة القارئ/ة عدد العقود التي مرت ما بين السقوط والصعود؟ لكن بالعزيمة والإصرار جاء الإنتصار والصعود.
إذن العزيمة والإصرار شيئان أساسيان ينبغي على المرء معرفتهما بل يجب عليه عدم تجاهلهما في حياته.
“إذا كنا لم ننسى ذلك الإنتصار الذي تحقق، فينبغي أن نتذكر دوماً ان العزيمة والإصرار كانا لهيب ووقود يجري في شريان اللاعبين”.
– ثالثها: الوطنية: لقد لعبت الوطنية دور مهم مع ما ذكرتهما سلفاً، إلا أنها كانت المحرك الأقوى بل الأسمى التي تمتع بها فريقنا، و إذا نظرنا إلى اللاعبين لوجدنا أغلبهم إن لم يكن كلهم مغتربين في الخارج، تنازل هؤلاء الأبطال عن مصالحهم في الخارج لم يكن من عبث بل لوجود لهيب الوطنية في ضمائرهم المليئة بحب هذا الوطن العظيم.
لذلك محرك الوطنية اعتبره الأهم لأنه يجعل المرء ينظر لأعلى وليس لنفسه ويضع إعتباراً للمصالح الوطنية فوق الشخصية ليمزج ذلك بروح التضحية ونكران الذات لذاك الوطن الغالي ولتاريخ أفضّل للوطن.
ختاماً:
النجاح أو الإنتصار أو أياً كان ما هو شبيه بها أو نوعها، فإنها من الإنجازات التي تجلب الفرحة والبهجة للمرء من أجل تحقيق المرجو منه لتدوينه في سجله التاريخي، فذلك الشيء لا يحتاج منك المحاكاة أو التحول، فبمعنى آخر إذا إنتصر فريق كرة السلة فإنه لا ينبغي أن نبغض الآخر!
هنالك جوهر لتلك المباديء الأساسية لتحقيق الإنتصار التي لابد منها والتي ذكرتها مسبقاً وأود أن أختم بها.
التناسبية والعزيمة والإصرار والوطنية كانت من الأشياء التي توفرت لفريقنا من أجل تحقيق ذلك الإنتصار العظيم الذي لم يأتي عن عبث، فما حدث أيها/ة القاريء/ة ليس إلا إشارة وتمهيداً وإثبات لوجود كوادر في هذا الوطن العظيم.
كلنا على يقين بأن لدينا الكثير الذي نستطيع أن نقدمه للوطن وللعالم، ليس في مجال كرة السلة فقط بل ما من مجال رياضي من سلة وقدم ما بوسعه بتناسبيته بمجاله وعزيمته وإصراره ووطنيته، ومؤكد بحكم الإختلاف الذي بيننا في شتى المجالات، هنالك الكثير من الكوادر القادرة أمثال ذلك الفريق إذا أخذنا مثالاً بذلك الإنتصار رغم وجود إنتصارات تاريخية لنا في نفس الروح و الإرادة.
هنالك في الإقتصاد من بإمكانه ان ينعش إقتصادنا، وفي الزارعة من بإمكانه عمل مشاريع لإطعام البلد بأكملها، وأيضا في الطب من يستطيع إتقان مجاله وعمل مستشفيات عالمية بالبلاد، كذلك في الهندسة من يستطيع عمل بنية تحتية عالية جداً وتنمية المدن والأرياف، ومجالات كثيرة جداً يوجد بها كوادر قادرة على هز العالم بأثره.
بعد أن أسلفت في السطور المسبقة، لا بد أن هنالك شيء يراودك في قلبك وعقلك وهي مبررات وأعذار وحجج أساسية، إلا انه علينا أن نتذكر جيداً أن أبطالنا قد إنتصروا بتناسبيتهم وعزيمتهم وإصرارهم ووطنيتهم.
بوجود هذا المثلث: التناسبية والعزيمة والإصرار والوطنية ووجود أي فرد يركز في مجاله، سنكون أكبر الدول المتقدمة إقتصادياً و سياسياً ودبلوماسياً… ألخ.
الذي حدث من ذلك الإنتصار ليس إلا نداء للإنتفاضة ومسح غبار اليأس والبؤوس وخيبة الأمل والمبررات والأعذار غير مجدية والتحول إلى الإنتصار بالتناسبية والعزيمة والإصرار والوطنية.
دمتم ودامت تناسبيتكم وعزيمتكم ووطنيتكم خنجراً في عنق اليأس والبؤوس والفشل إلى نجاحات وإنتصارات تاريخية أكبر.
للحديث بقية إن كان في العمر بقية!