نهتم بصقل المواهب وتفعيل أدوارها. ندعم مسيرة الهداف ونركز على التعاقد مع اللاعب الأجنبي، وإذا ما إنتهى بنا مطاف الدعم والإهتمام والتركيز، فإننا في الأخير لا نجد من المؤشرات المنطقية ما قد يجعلنا متفائلين بمستقبل حراسة المرمى، سواء في الأندية أو المنتخبات الوطنية.
حراسة المرمى هي اليوم، واليوم تحديداً، أشبه ما تكون بمعين ناضب، قلة في المواهب، وندرة في النجوم، وإن أضفت المزيد، فالمزيد هو التأكيد على أن هذا المركز المهم في لعبة كرة القدم خطر يداهم المستقبل ويؤثر بالسلب على كل نتائجه.
ماذا لو قرر (رمضان) الرحيل؟ كيف سيكون حال الحراسة في نادي الملكية مثلاً؟
وماذا لو تعثر خميس دانيال (شيبو ) يا ترى مع أطلع برة؟ من سيكون البديل؟
والبديل بالمناسبة، سواء لرمضان أو شيبو، هو في زمن المبالغة عملة نادرة يصعب الحصول عليها.
كرة القدم في جنوبنا الحبيب الهم الأوحد فيها هو البحث والنقاش ورؤية المدافع والمهاجم وصانع الألعاب، أما في جانب حراسة المرمى، فهذا الجانب بات من ضمن قائمة تلك المعضلات التي تحتاج إلى من يهتم بها ويوفر لها العلاج لكي لا نستفيق على كارثة مستقبلاً.
مهم بطبيعة الحال، والمحال أن تكون الأولوية لمهاجم يسجل، ولمدافع يملك الفارق، ولصانع لعب يمتهن الإضافة.
لكن، الأهم من المهم ولاسيما في هذه المرحلة، هو في أن يكون للأندية المحلية وقفة جادة مع حراسة المرمى حتى تستطيع أن تأخذ نصيبها الوافر من الإهتمام وحجم الدعم والرعاية ولكي لا تصبح هذه الحراسة مجرد (رقم) يسد الفراغ.
أكثر من ( 150 ) نادياً على مستوى البلاد تمارس لعبة كرة القدم. لكن، وعلى الرغم من هذا العدد الكبير الموزع على جغرافيتنا الواسعة، إلا أن الموهبة الفذة في مركز حراسة المرمى لا تزال محدودة، ومحدودة بشكل كبير.
بالطبع ليست القضية متعلقة بشح المواهب، فالمواهب موجودة وخير دليل على ذلك قودويل سابيو ورفاق دربه داريو، مناس، وتيكنو مع سيمبا.
وإنما، القضية الأساسية تكمن في الفكر السائد في الأندية، فالكل هنا ومن خلال هذه الحلقة المترابطة: النادي والمدرجات والصحف لا ترى في مهنة الكرة سوى النجم الذي يهز الشباك، أما الذي يدافع ويحمي عرين هذه الشباك فهو بالتأكيد لا يزال خارج كل الحسابات.
نعم، نحن مع استمرارية البحث عن المدافعين والمهاجمين ومواهب خط وسط الميدان.
صحيح، نحن كذلك مجمعون على أهمية البحث عنهم. لكن، الذي يجب أن يسبق هذا وذاك هو ضرورة أن يكون لنا جميعاً وقفة جادة مع حراسة المرمى ومستقبلها لكي لا يستمر نزيف الأندية مع الخسائر ولكي نجد حراسة المنتخب مؤهلة بأكثر من اسم وبأكثر من موهبة.
العملية ليست معقدة ولا يمكن وصفها بالصعبة ولا بالمستحيلة، المهم أولاً: هل تبادر الأندية ويبادر المهتمون بها وبشؤونها في صناعة القرار الذي يكفل لهذا المركز الفني المهم دوره وحضوره وتألقه؟
أسأل عن ذلك، وكل الأمل في أن تكون المراحل المقبلة بمثابة الإعلان المفيد لبناء آليات عمل فني متكامل تستهدف حراسة المرمى، وتستهدف سد ثغراتها الكبيرة بمواهب مؤهلة تستطيع مع الوقت أن تكرر ما سبق وأن فعله كندي سنترلينو وروي قلواك وبقية تلك الأسماء اللامعة التي رحلت عن المستطيل الأخضر لكنها لا تزال حية في ذاكرة من يجيد، اليوم تحديد الفوارق، بين موهبة وموهبة، وبين قدرة وقدرة، وبين حارس وحارس.
ختاماً أتمنى أن تجد بادرتي هذه، والمتمثلة في تحويل مسار الإهتمام إلى تطوير حراسة المرمى أو من هم على قائمة المهملين كل الإهتمام لأنها بإختصار فكرة لها من البعد الصحيح ما قد يكون سبباً من أسباب الإرتقاء بكرة القدم في جنوب السودان مستقبلاً.
تناول أخي وصديقي العزيز الأستاذ ملوال دينق موضوعاً في غاية الأهمية وهو أين قلب الأسد ريتشارد جاستن بالتأكيد، وهو لا يقصد أين يقيم ريتشارد، بل أين هو من الوضع الراهن في خارطة العمل الرياضي بالبلاد، وحتماً من يجيب عن هذا السؤال هو ريتشارد نفسه أولاً ومن ثم البقية من نجومنا السابقين في هذا المجال.
كنت اتمني أن يكون السؤال أين تلك الاسماء اللامعة التي إعتزلت اللعبة سابقاً؟
لكن هذا لا يعني بأنهم ليسوا معنين بهذا السؤال فهم مطالبون بالرد عن السؤال أيضاً.