يوم السبت الماضي كان يوماً أسوداً وحزيناً خيم فيه الحزن على كرة القدم والرياضيين جميعاً داخل وخارج البلاد بعد سماع النبأ الصادم والمفاجيء والمؤسف برحيل جمعة مايكل تعبان «شو» في القاهرة بعد معاناته مع المرض.
ولأنه كان شخصاً متفرداً ومختلفاً عن جميع الناس الذين يعرفهم الجميع في الوسط الرياضي، كانت الفاجعة والفقد كبيراً للغاية، ليس لعائلته فحسب، بل لعالم كرة القدم في مختلف أنحاء البلاد، خصوصاً في العاصمة جوبا.
الأيقونة
صحيح أن جمعة شو كان واحداً من بين عدد كبير من مشجعي الأندية الذين يعرفهم الجميع في الوسط الرياضي.
لكن، ما كان يجعله متفرداً ومختلفاً عن البقية كان حقيقة أنه يعتبر شخص رياضي من الطراز الفريد والنادر، إذ كان فريداً للغاية لدرجة أنه يصعب زيارة أي ملعب يشهد إقامة مباراة، سواء كانت رسمية أو ودية وفي أي بطولة، دون أن تجده حاضراً.
لقد كان واحداً من الأشخاص الذين تجري كرة القدم في شرايينهم، إذ كان يطوف جميع الملاعب في العاصمة جوبا سعياً وراء المتعة والإثارة والسعادة، وإن كان كل ذلك غائباً وغير موجود كان يتكفل هو بخلق أجواء حماسية ومرحة ولطيفة وتنافسية.
جمعة شو كان قد عرفه الجميع كشخص مرح، محبوب، فكاهي، ولا يحمل في قلبه أي ضغينة تجاه أحد.
الواقع أنه يصعب، حقاً، إيجاد شخص من الوسط الرياضي ليست لديه أي مواقف أو ذكريات سعيدة مع جمعة شو، لأنه كان صديق الجميع: كباراً وصغاراً، وكان بمثابة رسولاً لنشر الفرحة والبهجة في الوسط الرياضي.
الذي لم يحتمل قلبه الحياة بدون معشوقه
وكأن القدر كان يُخبيء معاناة جمعة شو مع المرض طوال هذا الوقت من أجل أن تتفاقم مع بداية معاناة سيمبا.
صحيح أنه كان محبوباً من قبل الجميع، إلا أنه لم يحب في حياته شيئاً أكثر من فريق سيمبا، إذ كان بمثابة الهواء الذي يتنفسه والدواء الذي يحتاج إليه حينما يمرض.
من أجل سيمبا، كان قادراً على فعل كل وأي شيء ولمدة 90 دقيقة فقط: يثير الجدل، يتسبب في غضب بعض الناس ويسعد الآخر، يُعادي الحكام والإداريين ولاعبو الخصوم، يهتف، يشجع، يحمس اللاعبين ويطالبهم بتقديم أفضل مستوياتهم، وبمجرد إنطلاقة صافرة النهاية كان يعود إلى وضعه الطبيعي كشخص هاديء ومسالم لا يخرج عن طوره إلا من أجل الدفاع عن معشوقه سيمبا.
لكن، حينما لم يعد سيمبا موجوداً بسبب تجميد نشاطه، يبدو وكأن قلبه لم يحتمل الحياة بدونه ليسلم بذلك روحه إلى ربه.
الذي بكاه كل الرياضيين
ولأنه كان شخص نادر ومتفرد وأجمع الناس على حبه وصداقته وهو حياً، كان طبيعياً أن يتسابق ذات الناس للبكاء حزناً على رحيله لدرجة أن البعض قام بنعيه دون أن تكون له سابق معرفة به.
حجم الإرث والمكانة والقبول والإحترام الذي كان يحظى به جمعة شو يمكن رؤيته من خلال تسابق جميع الرياضيين لنعيه بدايةً من أعلى جهة رياضية في البلاد متمثلةً في إتحاد كرة القدم مروراً بالأندية والإداريين واللاعبين والجماهير والإعلاميين وغيرهم.
الواقع أن هذا كان بمثابة إستفتاءً لمكانته وسط الرياضيين.