الأسبوع الماضي كان قد شهد صعود اسم إلى واجهة الأحداث كان الجميع قد نساه تقريباً، اسم كان قد شغل الجميع لبعض الوقت في إحدى الفترات، قبل أن يعود ويطويه النسيان سريعاً لفترةً طويلة ثم يعود إلى الواجهة مجدداً، بشكلٍ صادم.
هذا الأسبوع كان شاهداً على أفول نجم كان يتوقع له مستقبل باهر: جاكسون مبارك، هداف نادي الناصر ولاعب منتخب جنوب السودان الأسبق، بعد إغتياله من قِبل مجموعة مسلحة مجهولة بالقرب من منزله في كتور.
بالنسبة إلى كثيرون، ربما، يكون الأسم غير مألوفاً بسبب حالات الصعود والهبوط التي شهدتها مسيرة اللاعب، لكنه يعد لاعب غني عن التعريف وله إسهامات ونجاحات كبيرة مع الناصر والنجوم الساطعة.
أنا «بركة»
بركة كان يعتبر أحد أهم وأبرز اللاعبين وسط أبناء جيله وأقرانه من المهاجمين في الفترة بين عامي 2011 و2014، إذ كان يعتبر مهاجماً قناصاً ومتميزاً لا يشق له غبار إطلاقاً، قادر على صناعة الخطر والتسبب في إزعاج خصومه على الدوام، يستطيع الوصول إلى مرمى الخصم في أي وقتٍ ممكن، ويستطيع التسجيل من أنصاف الفرص.
جاكسون ظهر وتألق في الفترة التي كان يزدهر فيها دوري الدرجة الأولى المحلي في جوبا ويعتبر المهاجمون هم النجوم الحقيقيون لأنديتهم، إذ كان يقابله من الأندية مهاجمين شباب على غرار قوري في الملكية، قوول في مونيكي، كاليستو في كتور، إيمانويل برنايا في الرابطة، حقبة الأخوين القصيرة أتاك وول لوال مع الهلال، وإيمانويل توماس في رينبو، وغيرهم.
الحقيقة أنه كانت هناك أرضية خصبة جداً لإزدهار وتطور المهاجمين والتعبير عن أنفسهم بأفضل شكلٍ ممكن، وهو ما إستقله بركة بأفضل شكلٍ ممكن من أجل الصعود إلى قمة كرة القدم مع ناديه ومنتخبنا الوطني بعدما توج بكل الألقاب الممكنة مع الناصر: كأس جنوب السودان المحلي في جوبا، دوري الدرجة الأولى المحلي، وكأس جنوب السودان العام.
حبة الكرز فوق الكعكة
تلك كانت حقبة بركة والناصر بإمتياز، إذ إكتسحوا البلاد طولاً وعرضاً بعدما شارك اللاعب مع ناديه في مسابقة كأس الإتحاد الأفريقي «الكونفدرالية» كأول نادٍ من البلاد يشارك فيها، ثم شارك مع «النجوم الساطعة» في أول مباراة ودية رسمية يخوضها المنتخب على الإطلاق ضد يوغندا، في جوبا، والتي إنتهت بالتعادل الإيجابي 2-2.
اللاعب كان يعيش أفضل أيامه وفتراته على المستوى المهني والفردي حينها، إذ حقق النجاح المطلوب على الصعيد الفردي والجماعي وهو ما يبدو ماثلاً في تتويجه بتلك الألقاب بالإضافة إلى فوزه بجائزة هداف كأس جنوب السودان المحلي، خصوصاً بعدما قاد الناصر للفوز على كتور القوي والعنيد حينها في النهائي.
بطريقةً أو بأخرى، يمكن القول بأن بركة كان بمثابة حبة الكرز فوق الكعكة في ذلك الوقت، إذ كان يعتبر النجم الأهم في صفوف الناصر في تلك الفترة الذهبية بالنسبة إلى النادي، خصوصاً مع إمتلاك الفريق نجوماً مميزين في كافة خطوطه على غرار الثلاثي النيجيري سميث كلاتشي وبراتيكال وشيبوي، مسكين إيمانويل، وأباذر جقود، وأوسورو، وسيرجيو، جوزيف أودونقي، وجون سايمون، وفابيان إلياس «سولي»، وعدنان ناني، وغيرهم.
بركة كان بمثابة الثابت الوحيد في الفريق حينها، إذ كان يعتبر عنصراً مهماً للغاية ولا يمكن الإستغناء عنه إطلاقاً بأي حال من الأحوال، ومهما كان السبب.
الذي رفض المغامرة
مع صعوده إلى القمة في وقتٍ وجيز وتحقيقه لكل النجاحات الفردية والجماعية مع فريقه والمنتخب، بدأت رحلة اللاعب في الإنحدار بسرعة قياسية بعدما فشل في الإرتقاء إلى مستوى التوقعات والتطلعات ومجاراة التغييرات التي كان يشهدها الفريق في ذلك الوقت من أجل البقاء في القمة.
الناصر قام حينها بإجراء العديد من التغييرات من أجل التعامل مع الوضعية الجديدة بإعتباره حامل ألقاب: كأس جنوب السودان المحلي، الدوري المحلي، وكأس جنوب السودان العام، وهو ما دفعه لتغيير جهازه الفني بقيادة ماركو وول والتعاقد مع رمزي سبت من أجل قيادة المرحلة، وتدعيم صفوفه بالتعاقد مع العديد من اللاعبين على غرار سليمان مارتن «كامارا»، كون جيمس، وأنجلو، وغيرهم.
هنا، كان متوقعاً من بركة الإرتقاء إلى مستوى الحدث والقبول بفكرة خوض المغامرة الجديدة. لكنه، بطريقةً ما، وقف في المنتصف، لم يتحرك ساكناً، ولم يقم بمجاراة التيار، ليتخطى الحدث والناس ويقبع في الظل لفترة طويلة، حتى جاءت حادثة وفاته لتعيده إلى الأضواء.
==========
إعادة نشر بمناسبة الذكرى الثالثة لرحيله