كل التعاقدات التي قامت بها الأندية في جوبا، بدرجاتها الثلاث، في فترة الإنتقالات الماضية، لم تترك في نفسي أي أثر يُماثل الذي أحدثته صفقة إنضمام عمر لواتي إلى نادي جاموس!
****
تلك كانت خطوة مفاجئة، حزينة، ومؤلمة، حقاً.
هي صدمة، كنت ولا زلت، غير قادراً على الإستفاقة منها، حتى اليوم!
ما الذي يجعل لاعباً بقدراته، إمكانياته، موهبته، ومهاراته الفنية المميزة يترك كل الأضواء خلفه ويُفضل الركض في الظلام؟!
هل الأمر بكل هذه البساطة والسهولة؟
****
ترك كل هذا الإرث، السمعة، المكانة، الإسم، فريق ينافس على التتويج بكل البطولات بإستمرار، يُقدم لك كل الفرص على الإستمرار في كتابة التاريخ وتحقيق الإنجازات، التواجد في دائرة الضوء، والفوز بالجوائز الفردية، هو أمر يحتاج إلى جراءة، شجاعة كبيرة، وقلب قوي.
عمر قرر أن يضرب بعرض الحائط كل المنطق في هذا القرار الكبير.
****
هذه الخطوة ستكون نقطة تحول كبيرة في المسيرة المهنية له، فما قبلها لن يكون كما بعدها.
لا شك في ذلك.
الآن، لن يتم التعامل مع عمر على أنه ذلك اللاعب الكبير والمميز، أفضل لاعب في كونجو كونجو ليغ في الموسم الماضي، اللاعب الذي أسهم في تتويج فريقه بلقب كأس جنوب السودان المحلي في الموسم الماضي، اللاعب الذي إقترب من التتويج بجميع الجوائز الفردية والجماعية مع فريقه.
اللاعب الذي قام بالتأكيد على أحقيته في التواجد في قائمة المنتخب الوطني، ولم يكن يفصله الكثير عن تحقيق ذلك الحلم الذي يتطلع إليه كل لاعب.
لن يكون الأمر كذلك بعد اليوم.
****
بالطبع، هنا والآن، لا أقصد التقليل من نادي جاموس ولا أي طرف آخر، فالجاموس نادٍ طموح ويرغب بالفعل في الصعود إلى دوري الأضواء وهو شيء أكد عليه بنجاحه في إقناع عمر وحارس منتخبنا الوطني بالإنضمام إلى صفوفه، وهذا شيء يتطلب الكثير.
لا ألوم النادي على نجاحه في إتمام هذه الخطوة، فهذا حقه، كما أنه يعتبر شيء قد يحسده عليه الكثيرون بإعتباره قد نجح، بطريقةً أو بأخرى، في القيام بخطوة فشلت فيها الكثير من أندية أكبر وأعرق منه بكثير!
****
لكنني، هنا، ألوم تلك العقلية التي قادت اللاعب للعودة إلى الوراء عدة سنواتٍ ضوئية بدلاً من مواصلة التقدم إلى الأمام والسير في الإتجاه الصحيح، تقديراً لموهبته على الأقل.
لا أعرف التفاصيل والملابسات التي قادت اللاعب للسير في هذا الإتجاه.
****
لكنني، أنظر للأمر من هذه الزاوية: تلك العقلية التي تقود اللاعب لتسيير مسيرته المهنية بهذا الشكل!
أي عقلية تلك التي تقود اللاعب لإتخاذ قرار مثل هذا!
